السنديان ¤©§¤°المديـر العــام°¤§©¤
عدد المساهمات : 719 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 02/09/2011
| موضوع: البنفسجة الطموح الخميس سبتمبر 29, 2011 7:21 am | |
| البنفسجة الطموح
جبران خليل جبران
من قطعة الرمزية قصة بنفسجة كانت تعيش متواضعة. لكنها أبت هذه الحياة الساكنة ، فتاقت نفسها إلى أن تكون وردة عالية ، فصارت.
ولكن عاصفة سريعة هبت على الحديقة ، فقضت على الورد
و أبقت على البنفسج و أمثاله لالتصاقه ، بالأرض . . . تتقشع العاصفة
. . ووردتنا ذابلة هامدة . . . تسخر منها طائفة البنفسج
. . . ولكن الشاعر ينطق "بنفسجته الطموح" بهذه الكلمان التى تلخص غاية الحياة . . .
قال جبران :
" . . . عندئذ ارتعشت الوردة المحتضرة ، واستجمعت قواها الخائرة ، وبصوت متقطع قالت :
ألا فاسمعن أيتها الجاهلات المقتنعات الخائفات من العواصف والإعصار : لقد كنت بالأمس
مثلكن أجلس بين أوراقى الخضراء مكتفية بما قسم لى. وقد كان الاكتفاء حاجزا منيعا يفصلنى
عن زوابع الحياة و أهوائها ، ويجعل كيانى محدودا بما فيه من السلامة
ومتناهيا بما يساوره من الراحة والطمأنينة. و لقد كان بإمكانى أن أعيش نظيركن
ملتصقة بالتراب حتى يغمرنى الشتاء بثلوجه وأذهب كمن قبلى إلى سكينة الموت والعدم
قبل أن أعرف من أسرار الوجود ومخبآته غير ما عرفته طائفة البنفسج على سطح الأرض. "
لقد كان بإمكانى الانصراف عن المطامع ، والزهد فى الأمور التى تعلو بطبيعتها عن طبيعتى
ولكنى أصغيت فى سكينة الليل فسمعت العالم الأعلى يقول لهذا العالم :
"
إنما القصد من الوجود ، الطموح إلى ما وراء الوجود" فتمردت نفسى على نفسى
وهام وجدانى بمقام يعلو عن وجدانى. ومازلت أتمرد على ذاتى ، و أتشوق إلى ما ليس لى
حتى انقلب تمردى إلى قوة فعالة.
واستحال شوقى إلى ارادة مبدعة ، فطلبت إلى الطبيعة ـ وما الطبيعة سوى مظاهر خارجية
لأحلامنا الخفية ـ أن تحولنى إلى وردة ، ففعلت.
وطالما غيرت الطبيعة صورها ورسومها بأصابع الميل والتشويق.
و سكتت الوردة هنية ، ثم زادت بلهجة مفعمة بالفخر والتفوق : "
لقد عشت ساعة كوردة ، لقد عشت ساعة كملكة
لقد نظرت إلى الكون من وراء عيون الورود
. . .". ثم لوت عنقها ، وبصوت يكاد يكون لهاثا قالت
: "أنا أموت الآن. أموت و فى نفسى ما لم تكنه نفس بنفسجة من قبلى. أموت و أنا عالمة
بما وراء المحيط المحدود الذى ولدت فيه. و هذا هو القصد من الحياة
هذا هو الجوهر الكائن وراء الأيام والليالى
".
| |
|